وغيرهم ونحو ذلك، أو بانتقامنا في الحياة الدنيا من مكذبيهم بعد وفاة رسولنا من بعد مهلكهم، كالذي فعلنا من نصرتنا شعياء بعد مهلكه، بتسليطنا على قتله من سلطنا حتى انتصرنا بهم من قتلته، وكفعلنا بقتلة يحيى، من تسليطنا بختنصر عليهم حتى انتصرنا به من قتله له، وكانتصارنا لعيسى من مريدي قتله بالروم حتى أهلكناهم بهم، فهذا أحد وجهيه، وقد كان بعض أهل التأويل يوجه معنى ذلك إلى هذا الوجه» (١).
وينقل ابن كثير ﵀ كلامًا لابن السدي ﵀، يعضد به ما ذهب إليه ابن جرير ﵀، فيقول: «قال السدي: لم يبعث الله رسولًا قط إلى قوم فيقتلونه، أو قومًا من المؤمنين يدعون إلى الحق فيُقتلون، فيذهب ذلك القرن حتى يبعث الله لهم من ينصرهم، فيطلب بدمائهم ممن فعل ذلك بهم في الدنيا، قال: فكانت الأنبياء والمؤمنون يُقتلون في الدنيا، وهم منصورون فيها، وهكذا نصر الله سُبْحَانَهُ نبيه محمدًا ﷺ وأصحابه على من خالفه، وكذبه وعاداه، فجعل كلمته هي العليا، ودينه هو الظاهر على سائر الأديان، وأمره بالهجرة من بين ظهراني قومه إلى المدينة النبوية، وجعل له فيها أنصارًا وأعوانًا، ثم منحه أكتاف المشركين يوم بدر، فنصره عليهم وخذلهم له، وقتل صناديدهم، وأسر سراتهم، فاستاقهم مقرنين في الأصفاد، ثم منَّ عليهم بأخذه الفداء منهم، ثم بعد مدة قريبة فتح عليه مكة، فقرت عينه ببلده، وهو البلد المحرم الحرام المشرف المعظم، فأنقذه الله به مما كان فيه من الشرك والكفر، وفتح له اليمن، ودانت له جزيرة العرب بكمالها، ودخل الناس في دين الله أفواجًا.