للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: «فإن قيل: كيف قال تَعَالَى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾، والنصر هو العون، والله سُبْحَانَهُ لايجوز عونه قولًا ولا يتصور فعلًا؟ فالجواب من أوجه:

أحدها: إن تنصروا دين الله بالجهاد عنه ينصركم.

الثاني: إن تنصروا أولياء الله بالدعاء.

الثالث: إن تنصروا نبي الله، وأضاف النصر إلى الله تشريفًا للنبي ، وأوليائه وللدين، كما قال تَعَالَى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ [الحديد: ١١]، فأضاف القرض إليه تسلية للفقير» (١).

قال السعدي : «هذا أمر منه تَعَالَى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم، أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعد من كريم صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر، من الثبات وغيره» (٢).

والله تَعَالَى قادر كمال القدرة على نصر دينه، فإنه نصر عبده وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، فهو القوي القادر على كل شيء، ولكنه ابتلى عباده بذلك ليظهر من ينصر دينه وشرعه ممن يتولى عن نصرته، قال تَعَالَى: ﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ [محمد: ٤]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ [التوبة: ٤٠].


(١) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى، للقرطبي (ص: ٣٣٩).
(٢) تفسير السعدي (ص: ٧٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>