للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد «متفرد في ملكوته- في الدنيا- بأنواع التصرفات من الإيجاد والإعدام، والإحياء والإماتة، والخلق والرزق، والإعزاز والإذلال، والهداية والإضلال، والإسعاد والإشقاء، والخفض والرفع، والعطاء والمنع، والوصل والقطع، والضر والنفع، فلو اجتمع أهل السموات السبع والأرضين السبع ومن فيهن وما بينهما على إماتة من هو محييه، أو إعزاز من هو مُذِلُّه، أو هداية من هو مُضِلُّه، أو إسعاد من هو مُشقيه، أو خفض من هو رافعه، أو وصل من هو قاطعه، أو إعطاء من هو مانعه، أو ضر من هو نافعه، أو عكس ذلك؛ لم يكن ذلك بممكن في استطاعتهم، وأنى لهم ذلك والكل خلقه وملكه وعبيده وفي قبضته وتحت تصرفه وقهره، ماض فيهم حكمه، عدل فيهم قضاؤه، نافذة فيهم مشيئته، لا امتناع لهم عما قضاه، ولا خروج لهم من قبضته، ولا تتحرك ذرة في السماوات والأرض ولا تسكن إلا بإذنه، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن» (١).

وواحد متفرد في ملكوته تشريعًا وحكمًا دينيًّا ودنيويًّا، قال تَعَالَى:

﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [الأنعام: ٥٧]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣١]، قال : «أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ» (٢).


(١) معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول، للحكمي (١/ ١٣٦).
(٢) أخرجه الترمذي واللفظ له، رقم الحديث: (٣٠٩٥)، والبيهقي في الكبرى، رقم الحديث: (٢٠٤٠٩)، حكم الألباني: حسن، صحيح وضعيف سنن الترمذي، رقم الحديث: (٣٠٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>