وواحد متفرد في ملكوته في الآخرة- كما تفرد في ملكوته في الدنيا- بأنواع التصرفات من إفناء الأحياء، وقبض الأرض وطي السماء، والإذن بالنفخ في الصور، وبعث الموتى ونشرهم، وكسوة من شاء من الخلق، وظل من شاء تحت ظل عرشه، والشفاعة والإذن فيها لمن شاء، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٤٤]، والعرض والحساب، ونصب الصراط وتثبيت الأقدام، والجزاء بالجنة أو النار، قال تَعَالَى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [إبراهيم: ٤٨]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر: ١٦].
وواحد أحد في كمال الأفعال؛ فكلها حكمة، وعدل، ورحمة، وإحسان ليس فيها فعل بلا مصلحة، ولا فعل عشواء وعبث، كما جاء في الحديث:«والخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، والشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ»(١).
ثم إنه سُبْحَانَهُ في جميع ما سبق من الذات والأسماء والصفات والأفعال واحد أحد متفرد عن كل نقص، وعيب، وسوء؛ لكماله من كل وجه وفي كل حال، قال تَعَالَى: ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الروم: ٢٧]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢].