للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توكله وكادته السموات والأرض ومن فيهن لجعل له مخرجًا من ذلك، وكفاه ونصره» (١).

وقال أيضًا: «ولو توكل العبد على الله حق توكله في إزالة جبل عن مكانه- وكان مأمورًا بإزالته- لأزاله» (٢).

رابعًا: الأسباب المعينة على تحقيق عبادة التوكل:

من رحمة الله بعباده وحكمته أن جعل لكل عمل من أعمال القلوب والجوارح بواعث تدفع النفوس إليه، وتحض عليه، ومما يبعث النفوس على التوكل ويعين عليه جملة من الأمور، منها:

معرفة الله بأسمائه الحسنى؛ فمن عرف ربه الوكيل وضم إلى ذلك الحي، القيوم، العليم، الحكيم، الرحيم، اللطيف، العزيز، القادر القدير، الفعال لما يريد، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن؛ وجد نفسه مدفوعًا إلى الاستناد إليه، والتوكل عليه.

ومن عرف ربه الوكيل وضم إلى ذلك أنه الكفيل الرزاق ذو القوة المتين، الذي تكفل بالأرزاق لخلقه وضمن لهم وصولها إليهم، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦]، وقال تَعَالَى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾ [الذاريات: ٢٢ - ٢٣] فلا يفوت أحد رزقه، ولا يستطيع أحد أن يأخذه دونه- مُلئ قلبه بالتوكل عليه، ومن عرف ربه الوكيل وضم إلى ذلك أنه الناصر القهار الذي ينصر


(١) بدائع الفوائد (٢/ ٧٦٦).
(٢) مدارج السالكين (١/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>