للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوليائه الذين آمنوا على عدوهم، ويؤيدهم بمعونته، ويملي للظالمين، ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ويمهل، ولا يهمل- توكل عليه وأحسن الظن به.

ومن هنا نجد أن الله ﷿ في عدد من الآيات يربط بين التوكل وبين أسمائه الحسنى، ومن ذلك:

- قوله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال: ٤٩].

- وقوله سُبْحَانَهُ: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الشعراء: ٢١٧ - ٢٢٠].

- وقوله: ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾ [الملك: ٢٩].

تأمُّل الإنسان في ضعفه؛ فإن العبد إذا تأمل في نفسه وكيف أنه لم يكن شيئًا مذكورًا، ثم خُلِقَ من ماء مهين، ثم خرج من بطن أمه لا يعلم شيئًا، ثم علَّمه الله بما أعطاه من أدوات السمع والبصر والفؤاد؛ ليتعلم ما لم يكن يعلم، ومنحه من الإرادة والقدرة ما يمكنه من أداء رسالته في الأرض، إلا أن ذلك كله محدود بما يناسب ضعف البشر وعجزهم، ثم بعدُ يموت ويفنى.

ثم إذا تأمل أن وجوده، وحياته، وبقاءه، وعلمه، وإرادته، كلها ليست بذاته ولا من ذاته، بل بالله ﷿؛ علم حقَّ العلم وتيقَّن أنه لا حول له ولا قوة إلا بالله، الذي خلقه فسواه، وعلَّمه ما لم يكن يعلم، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، فقاده ذلك العلم واليقين إلى التوكل عليه والتعلق به تعلق العاجز بالقدير، والضعيف بالقوي، والفقير بالغني، والجهول بالعليم، والمحدَث بالأول، والذليل بالعزيز، والفاني بالباقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>