للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتولاهم بما قدر لهم من نعمه التي لا تُعد ولا تُحصى، وأقام لهم مصالحهم وحاجاتهم؛ ابتدأ بالخلق، ثم الرزق، والتعليم، والحفظ، والشفاء، وكشف الضر، وإجابة الدعاء، وإنزال المطر ونحو ذلك، قال تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [الشورى: ٢٨]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [الأعلى: ٢ - ٣] (١).

فالكل تحت ولايته ورعايته، وطوع تقديره وحكمه، لا خروج لأحد عنه طرفة عين، قال تَعَالَى: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا﴾ [التوبة: ٥١]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحديد: ٢٢].

والكل من الثقلين تولاه الولي المولى بحكمه الشرعي، فأنزل الشرائع التي فيها تحقيق مصالحهم وطيب حياتهم في الدنيا والآخرة، فما من أمة إلا وبعث فيها رسولًا مؤيَّدًا بالبراهين والحجج، قال تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٤] حتى ختمهم بمحمد الذي أرسله هدى ونورًا للعالمين ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [سبأ: ٢٨].

وجمع له الجن مستمعين، فانطلقوا إلى قومهم منذرين، قال تَعَالَى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٧٥٩)، والنهج الأسمى، للنجدي (٢/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>