للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتولاهم الولي المولى بالرعاية والحفظ وحسن التدبير، قال تَعَالَى: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: ٥١]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ [الأعراف: ١٩٦].

تولى يوسف طفلًا ضعيفًا، فصرف إخوته عما هموا به من القتل، وتولاه في البئر وحيدًا، فحفظه من مخاطره ومخاوفه، بل وبشره بيوم يجتمع فيه بأهله وإخوته وينبئهم بفعلهم (١)، وتولاه غلامًا مبيعًا، فاشتراه عزيز مصر وأكرمه، وتولاه شابًّا فآتاه الحكمة والعلم، وصرف عنه كيد النسوة، وتولاه سجينًا فأخرجه منه عزيزًا ممكنًا له في الأرض، وتولى كيده لأخذ أخاه فأخذه، وتولى أهله فأتى بهم إليه من البدو، ويتولاه في الآخرة كما تولاه في الدنيا، قال تَعَالَى: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: ١٠١].

وتولى موسى طفلًا رضيعًا، فحفظه في اليم، وحفظه من قتل فرعون وقومه، ثم أعاده لأمه وأهله، وتولاه شابًّا فحفظه من تآمر القوم على قتله، وتولاه في مدين فرزقه عملًا، ومالًا، وزوجًا، ثم تولاه بأعظم صور الولاية، فرزقه النبوة والرسالة، وتولاه بالنصر على فرعون وجنده.

وكذا تولى بني إسرائيل، فأنجاهم من آل فرعون وتعذيبهم، وأغرق فرعون وجنده بمرأى منهم ومسمع، وأورثهم أرض مصر ومكنهم فيها، وأنزل عليهم التوراة هدى ونورًا، وعفا عنهم عبادتهم العجل، وطلبهم النظر إليه، فبعثهم بعد صعقهم، وأنزل عليهم المن والسلوى في التيه، وفجر لهم


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>