لم تشهد البشرية له مثيل من قبل، قال تَعَالَى: ﴿وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ [الأحزاب: ٣٩]؛ وذلك أن محاكمة الديان ﷿ ومحاسبته قائمة على جملة من القواعد، والتي منها:
العدل الذي لا يشوبه ظلم بوجه من الوجوه، فيوفى كل عامل عمله من غير أن يزاد في السيئات، أو ينقص من الحسنات، قال تَعَالَى: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [غافر: ١٧]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧].
لا يؤخذ أحد من الخلق بجريرة غيره؛ قال تَعَالَى: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: ١٣ - ١٤]، فكل إنسان يلازمه عمله خيره وشره ولا يتعداه إلى غيره، فلا يحاسب بعمل غيره ولا يحاسب غيره بعمله ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [فاطر: ١٨](١).
إطلاع العباد على ما قدموه من العمل، وذلك بإعطائهم صحائف أعمالهم، وقراءتهم لما قدموه من صالح أعمالهم وطالحها، فيحكموا على أنفسهم، ولا يكون لهم بعد ذلك عذر، قال تَعَالَى: ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: ١٤]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا