للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (٨) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (٩) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا﴾ [الطلاق: ٨ - ١٠].

ومنهم من يكون حسابه يسيرًا، فلا يناقش في الحساب، ولا يدقق ويحقق معه، وإنما تعرض عليه ذنوبه ثم يتجاوز له عنها، وإنما ذلك إظهارًا لنعمة الله عليه بالستر في الدنيا، وبالعفو في الآخرة.

وهذا معنى قوله تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (١١) وَيَصْلَى سَعِيرًا﴾ [الانشقاق: ٧ - ١٢].

وقول رسول الله : «لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَّا هَلَكَ، فقالت عائشة: يا رسول الله، أليس قد قال الله تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ [الانشقاق: ٧ - ٨]، فقال رسول الله : إِنَّمَا ذَلِكِ الْعَرْضُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا عُذِّبَ» (١).

ومنهم من يدخل الجنة بغير حساب، كما جاء في الحديث «عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، … فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلَأَ الْأُفُقَ، قِيلَ: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ … هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» (٢).

ثمّ إن هذه المحاسبة والمحاكمة من الحسيب الديان بلغت الكمال الذي


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٦٥٣٧).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٥٧٠٥)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>