للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذا أنكرت الرسل على أقوامهم صفة التجبر والتكبر في الأرض بغير الحق، كما قال سُبْحَانَهُ حكاية عن هود : ﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ [الشعراء: ١٣٠ - ١٤٠]، ولكنهم عاندوا واتبعوا أمر جبابرتهم، فهلكوا أجمعين؛ قال تَعَالَى: ﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ [هود: ٥٩].

وحذر النبي أيضًا- من العذاب العظيم الذي يلحق كل من تجبر وتكبر، فقال: «يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ، يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الخَبَالِ» (١)، وفي الحديث الآخر: «يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَأُذُنَانِ يَسْمَعُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ، فَيَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنِ ادَّعَى مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ، وَبِالمُصَوِّرِينَ» (٢).

بل أخبر عن محاورة الجنة والنار في شأن الجبابرة المتكبرين، ففي الحديث: «احْتَجَّتِ النَّارُ، وَالْجَنَّةُ، فَقَالَتْ: هَذِهِ يَدْخُلُنِي الْجَبَّارُونَ، وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَقَالَتْ: هَذِهِ يَدْخُلُنِي الضُّعَفَاءُ، وَالْمَسَاكِينُ، فَقَالَ اللهُ ﷿ لِهَذِهِ: أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ - وَرُبَّمَا قَالَ: أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ - وَقَالَ لِهَذِهِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا» (٣).


(١) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (٦٦٧٧)، والترمذي، رقم الحديث: (٢٤٩٢)، حكم الألباني: حسن، صحيح الجامع الصغير، رقم الحديث: (٨٠٤٠).
(٢) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (٨٤٣٠)، والترمذي، رقم الحديث: (٢٥٧٤)، حكم الألباني: صحيح، السلسلة الصحيحة، رقم الحديث: (٥١٢).
(٣) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٨٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>