للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الرقيب المطلع على خلقه، يعلم كل صغيرة وكبيرة في ملكه، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، قال تَعَالَى: ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: ٣].

وهو الرقيب المحصي أعمال عباده، يرقب حركاتهم وسكناتهم وأقوالهم وأفعالهم، بل حتى ما يجول في خواطرهم، قال تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [المائدة: ١١٧] «أي: المطلع على سرائرهم وضمائرهم ﴿وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [المائدة: ١١٧] علمًا وسمعًا وبصرًا، فعلمك قد أحاط بالمعلومات، وسمعك بالمسموعات، وبصرك بالمبصرات، فأنت الذي تجازي عبادك بما تعلمه فيهم من خير وشر» (١).

وإذا تأمل العبد في عظم رقابة الله ﷿؛ علم استحقاقه للعبادة وحده دون ما سواه، فهو «رقيب على الأشياء بعلمه المقدس عن مباشرة النسيان، ورقيب للمبصرات ببصره الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، ورقيب للمسموعات بسمعه المدرك لكل حركة وكلام، فهو سُبْحَانَهُ رقيب عليها بهذه الصفات تحت رقابته الكليات والجزئيات، وجميع الخفيات في الأرضين والسموات، ولا خفى عنده، بل جميع الموجودات كلها على نمط واحد في أنها تحت رقُبته التي هي من صفته» (٢)، وكل معبود من دونه لا يملك من ذلك شيئًا، فكيف يتخذ إلهًا يُعبد؟!!

وكما أن اسم الله (الرقيب) دال على الربوبية والألوهية، فكذا هو دال


(١) تفسير السعدي (ص: ٢٤٩).
(٢) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى، للقرطبي (١/ ٤٠١ - ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>