ما أوقعه بالأمم المكذبين، والكفار الظالمين من أنواع العقوبات وحلول المثلات، وأنه لم يغن عنهم كيدهم ومكرهم، ولا أموالهم، ولا جنودهم، ولا حصونهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمر ربك، وما زادوهم غير تتبيب، قال تَعَالَى عن عاد: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [فصلت: ١٦]، وقال سُبْحَانَهُ عن ثمود: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾ [هود: ٦٦] وقال عن الأحزاب: ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾ [الأحزاب: ٢٥]، وقال: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال: ٥٢].
وكذا في العصر الحاضر، فإن هذه القوة الهائلة، والمخترعات الباهرة التي وصلت إليها مقدرة الأمم هي من آثار قوة الله، وتعليمه إياهم ما لم يكونوا يعلمون، فمن قوة الله وآياته: أن قوَّاهم وقدَّرهم، ومخترعاتُهم لم تغن عنهم شيئًا في صد ما أصابهم من النكبات، والعقوبات المهلكة مع بذل جدهم واجتهادهم في توقي ذلك، ولكن أمر الله غالب، وقوته فوق كل قوة، وقدرته تنقاد لها عناصر العالم العلوي والسفلي.