للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا قوة له على ترك معصية، ولا فعل طاعة إلا بالله، ولا تحوُّل له من حال إلى حال إلا بالله، فلا تحوُّل له من معصية إلى طاعة، ولا من مرض إلى صحة، ولا وهن إلى قوة، ولا من نقص إلى زيادة إلا بالله، ولا قوة للعبد على القيام بأي شأن من شئونه- ولو صغر- إلا بالله، فما شاء الله كان كما شاء في الوقت الذي يشاء، على الوجه الذي يشاء من غير زيادة ولا نقصان، ولا تقدُّم ولا تأخر، وما لم يشأ لم يكن، فأزِمَّةُ الأمور بيده سُبْحَانَهُ، وأمورُ الخلائق معقودة بقضائه وقدره، يصرفها كيف يشاء ويقضي فيها بما يريد، لا رادَّ لقضائه، ولا معقِّب لحكمه، فسبحان القوي المتين (١).

وكلمة «لا حول ولا قوة إلا بالله» كلمة إخلاص لله وحده بالاستعانة، كما أنَّ كلمةَ التوحيد «لا إله إلا الله» إخلاص لله بالعبادة، فلا تتحقق «لا إله إلا الله» إلا بإخلاص العبادة كلِّها لله، ولا تتحقَّق «لا حول ولا قوة إلاَّ بالله» إلا بإخلاص الاستعانة كلِّها لله، وقد جمع الله بين هذين الأمرين في سورة الفاتحة، أفضل سورة في القرآن، وذلك في قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥]،

فالأول تبرؤٌ من الشرك، والثاني تبرؤٌ من الحول والقوة والتفويض إلى الله ﷿، والعبادة متعلِّقة بألوهية الله سُبْحَانَهُ، والاستعانة متعلِّقة بربوبيَّته، والعبادة غاية، والاستعانة وسيلة، فلا سبيل إلى تحقيق تلك الغاية العظيمة- العبادة- إلا بهذه الوسيلة- الاستعانة بالله الذي لا حول ولا قوة إلاَّ به- (٢).


(١) ينظر: النهج الأسمى (٢/ ٣٩ - ٤٠)، وفقه الأدعية والأذكار (١/ ٣٠١)، وفقه أسماء الله الحسنى، للبدر (ص: ١٨١).
(٢) ينظر: فقه الأدعية والأذكار (١/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>