للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «تأمَّلتُ أنفعَ الدعاء، فإذا هو سؤال العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥]» (١).

وقال أيضًا: «وقول: (لا حول ولا قوة إلاَّ بالله) يوجب الإعانة؛ ولهذا سنَّها النبي إذا قال المؤذِّن: حي على الصلاة، فيقول المجيب: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا قال: حي على الفلاح، قال المجيب: لا حول ولا قوة إلاَّ بالله، وقال المؤمن لصاحبه: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [الكهف: ٣٩]، ولهذا يُؤمر بهذا من يخاف العين على شيء، فقوله: ما شاء الله، تقديره: ما شاء الله كان، فلا يأمن، بل يؤمن بالقدر، ويقول: لا قوة إلاَّ بالله … وذلك أنَّها تتضمن التوكُّل والافتقار إلى الله تَعَالَى، ومعلوم أنَّه لا يكون شيء إلا بمشيئة الله وقدرته، وأنَّ الخلق ليس منهم شيء إلا ما أحدثه الله فيهم، فإذا انقطع القلب للمعونة منهم وطلبها من الله فقد طلبها من خالقها الذي لا يأتي بها إلا هو … ولهذا يأمر الله بالتوكل عليه وحده في غير موضع، وفي الأثر: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ فَلْيَكُنْ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِي يَدِهِ) (٢)» (٣).

وإذا علم ما سبق؛ علم خطأ من يقولها حال المصائب بمنزلة الاسترجاع؛ إذ هي كلمة استعانة لا استرجاع (٤).


(١) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (١/ ١٠٠).
(٢) أخرجه الحارث في المسند، رقم الحديث: (١٠٧٠)، واللفظ له، والحاكم في المستدرك، رقم الحديث: (٧٧٠٢).
(٣) مجموع الفتاوى (٩/ ٢٢٤).
(٤) ينظر: الاستقامة (٢/ ٨١)، وفقه الأدعية والأذكار (١/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>