للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنه لا يمكن لأحد كائن من كان أن يخرج عن إرادة المحيط به، أو يمتنع منه، بل الكل مقهور مدان للمحيط القهار، نافذة مشيئته وحكمه فيه (١)، قال تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ﴾ [الإسراء: ٦٠] «فإنه القادر عليهم، وهم في قبضته وتحت قهره وغلبته» (٢).

٣ - إحاطة العلم:

فالله ﷿ المحيط الذي أحاط علمه بجميع المعلومات ظاهرها وباطنها، خفيها وجليها، ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وأحاط سمعه بجميع الأصوات سرها وعلنها، قريبها وبعيدها، وأحاط بصره بجميع الموجودات دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها، فلا يحجبه عن خلقه ظاهر عن باطن ولا كبير عن صغير ولا قريب عن بعيد، بل هو نافذ العلم والسمع والبصر، لا يغيب عنه أحد، ولا يخفى عليه شيء، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر منها ولا أكبر، قال تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: ١٢] (٣).

أحاط علمه بذوات خلقه، وبصفاتهم، كما أحاط بجميع أعمالهم: الفعلية بصرًا، والقولية سمعًا، سواء أكانت خيرًا أم شرًّا، حسنة أم قبيحة، ظهرت للناظرين والسامعين أم توارت عنهم، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ [آل عمران: ١٢٠]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ


(١) اشتقاق أسماء الله الحسنى، للزجاجي (ص: ٤٦ - ٤٧)، تفسير السعدي (ص: ٢٠٦).
(٢) تفسير ابن كثير (٥/ ٩١).
(٣) ينظر: تفسير ابن كثير (٢/ ٤٢٤)، فتح الرحيم الملك العلام، للسعدي (ص: ٤١)، تفسير السعدي (ص ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>