للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا﴾ [النساء: ١٠٨]، لم يزل لها محصيًا، عادًا، عالمًا بها، لا تخفى عليه ولا تغيب (١).

٤ - إحاطة القدرة:

فالله ﷿ هو المحيط الذي أحاطت قدرته بخلقه إحاطة تامة كاملة، لا يقدرون معها على إعجازه ولا فواته ولا الفرار منه، قال تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ﴾ [الإسراء: ٦٠]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ﴾ [البروج: ١٩ - ٢٠]، فليس لهم ملاذ يلوذون به عنه، ولا ملجأ يلجأون إليه، بل لا ملجأ منه إلا إليه، ولا مهرب منه إلا إليه، ولا مفر منه، بل المفر إليه، قال تَعَالَى: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [الذاريات: ٥٠] (٢).

ثم إن الملوك والجبابرة وإن عظمت سطوتهم، وعظم ملكهم، وكثر جندهم، واشتد جبروتهم، وتفاقم طغيانهم، فإن الله لهم بالمرصاد، قد أحاط بهم، وأحصى وراقب كل حركاتهم وسكناتهم، ليس لهم خروج عن قدرته، ولا يستطع أحد منهم أن يعجزه، بل نواصيهم بيده ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ [إبراهيم: ٤٢] (٣).

٥ - إحاطة الرحمة:

فالله ﷿ المحيط الذي أحاط كل شيء برحمته، فالعالم العلوي والسفلي وجميع المخلوقات محاطة برحمة الرحمن الرحيم بها، أسبغ عليهم


(١) تفسير الطبري (٩/ ٢٥٢).
(٢) ينظر: تفسير ابن كثير (٨/ ٣٧٣)، تفسير السعدي (ص: ٤٦١، ٩١٩)، النهج الأسمى، للنجدي (٢/ ٢٩٥ - ٢٩٦).
(٣) ينظر: فتح الرحيم الملك العلام، للسعدي (ص: ٤١ - ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>