للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعمه الظاهرة والباطنة، وصرف عنهم المضار والمكاره، وبها دبرهم أنواع التدبير، وصرفهم بأنواع التصريف، وبها امتلأت القلوب بالرحمة حتى حنت المخلوقات بعضها على بعض، إلى غير ذلك من آثار رحمة الله المحيطة بالخلق في الدنيا.

ثم إن رحمة المحيط أحاطت بالخلق حتى في الآخرة، بل هي في الآخرة أعظم منها في الدنيا، حتى قال : «وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ» (١)، وقال أيضًا : «إِنَّ لِلهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٢) (٣).

٦ - إحاطة الجزاء:

لما كان ربنا محيطًا؛ كان جزاؤه محيطًا أيضًا:

فجميع أعمال العباد قد أحاط بها، وأحصاها عدًّا، وعلم مقدارها، ومقدار جزائها في الخير والشر، ويجازيهم عليها أتم الجزاء، بما يقتضيه عدله ورحمته (٤).


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٧٥٥).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٧٥٢).
(٣) ينظر: فتح الرحيم الملك العلام، للسعدي (ص: ٣٣)، المواهب الربانية، السعدي (ص: ١٠٩ - ١١١).
(٤) ينظر: فتح الرحيم الملك العلام، للسعدي (ص: ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>