للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن جزاءه محيط، فإذا نزل عذابه على قوم أحاط بهم، فلم يفت منه أحد، ولم يُبق منهم أحد، ولم ينجو إلا من أمر الله بإنجائه (١)، ولذا قال شعيب لقومه: ﴿يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ﴾ [هود: ٨٤]، وقال الله في بيان إحاطة عذابه النازل بالأمم المكذبة من قوم نوح، وعاد، وثمود، وفرعون، وغيرهم من المعاندين المكذبين: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا﴾ [مريم: ٩٨] «والركز: الصوت الخفي، أي: لم يبق منهم عين ولا أثر، بل بقيت أخبارهم عبرة للمعتبرين، وأسمارهم عظة للمتعظين» (٢).

ثم إنه سُبْحَانَهُ في الآخرة محيط بخلقه، فيبعثهم جميعًا، لا يتخلف منهم أحد، ولا ينسى منهم أحدًا، ولا يمتنع منهم أحد ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ [مريم: ٩٣ - ٩٥].

ثم هم في موقف الحشر محاط بهم أينما ذهبوا، قد طوقتهم الملائكة سبعة صفوف من كل جانب، فلا يقدر أحد منهم على فرار ولا هرب (٣) حتى يقال لهم على وجه التعجيز: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ [الرحمن: ٣٣] «أي: لا تخرجون عنه إلا بقوة وتسلط منكم، وكمال قدرة، وأنى لهم ذلك، وهم لا


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٣٨٧).
(٢) تفسير السعدي (ص: ٥٠١).
(٣) ينظر: تفسير ابن كثير (٧/ ٤٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>