وهدى الزوجين من كل حيوان إلى الازدواج، والتناسل، وتربية الولد.
وهدى الولد إلى التقام الثدي عند وضعه.
وطلبه مراتب هدايته سُبْحَانَهُ لا يحصيها إلا هو، فتبارك الله رب العالمين.
وهدى النحل أن تتخذ من الجبال بيوتًا ومن الشجر، ومن الأبنية، ثم تسلك سبل ربها مذللة لها لا تستعصي عليها، ثم تأوي إلى بيوتها وهداها إلى طاعة يعسوبها واتباعه، والإئتمام به أين توجه بها، ثم هداها إلى بناء البيوت العجيبة الصنعة المحكمة البناء.
ومن تأمل بعض هدايته المبثوثة في العالم؛ شهد له بأنه الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم.
ومَن فَهم هذا فَهم سر اقتران قوله تَعَالَى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنعام: ٣٨] بقولِهِ: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ٣٧]، وكيف جاء ذلك في معرض جوابهم عن هذا السؤال والإشارة به إلى إثبات النبوة، وأنَّ مَن لم يهمِلْ أَمْرَ كلِّ دابة في الأرض ولا طائرٍ، بل جعلها أممًا وهداها غاياتها ومصالِحها، كيف لا يهديكم إلى كمالِكُم ومصالِحِكُم؟ فهذا أحد أنواع الهداية وأعمُّها (١).