للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوع الثاني: هداية البيان والدلالة:

والتعريف لنجدَي الخير والشَّر وطريق النجاة والهلاك، «وهو الذي تقدر عليه الرسل وأتباعهم، فهو كما قال تَعَالَى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ [السجدة: ٢٤]، ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧]، ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢]، فأثبت لهم الهدى الذي معناه الدلالة والدعوة والتنبيه» (١).

وهذه الهداية لا تستلزم الهدى التام؛ فإنها سبب وشرط، وليست موجبًا، كما قال تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧] أي: بيَّنَّا لهم وأرشدناهم ودَلَلْنَاهم فلم يهتدوا، ومنها: قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢].

النوع الثالث: هداية التوفيق والإلهام:

وهي الهداية المستلزمة للاهتداء، فلا يَتخلَّف عنها، وهي المذكورة في قوله: ﴿يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [النحل: ٩٣]، وفي قوله: ﴿إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾ [النحل: ٣٧]، وفي قول النبي : «مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ. وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ». (٢)

وفي قوله تَعَالَى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص: ٥٦] فنفَى عنه هذه الهداية، وأثبت له هدايةَ الدعوة والبيان في قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢].


(١) تفسير القرطبي (١/ ١٦٠).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٨٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>