للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه التوسعة من الله على عباده في دينهم؛ تدعوهم إلى فهم الدين فهمًا صحيحًا لا غلو فيه ولا جفاء، بل الوسطية التي أرادها الله من هذه الأمة، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣] (١).

وهذه التوسعة أيضًا تورث في النفوس اغتباطًا وفرحًا بالشريعة التي وفقه الله وهداه للإيمان بها، فيسعى للثبات عليها، والدعوة إليها، والجهاد في سبيل نشرها وإيصالها للمحرومين.

- سعة نعيم الواسع في الأخرة:

الله واسع فيما أعد لعباده الموحدين، مما احتوت عليه دار النعيم من الخيرات والمسرات والأفراح واللذات المتتابعات، مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فكل ما خطر بالبال أو دار في الفكر من تصور لذة، فلذة الجنة فوق ذلك، كما قال تَعَالَى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ [السجدة: ١٧] فلا يعلم أحد عظمة ما أخفى الله لهم في الجنات من النعيم المقيم، واللذات التي لم يطلع على مثلها أحد، كما قال تَعَالَى على لسان رسوله: «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» (٢) (٣).

وأوضح الله لنا سعة ما فيها من النعيم، فقال: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ﴾ [الزخرف: ٧١] «وهذا لفظ جامع، يأتي على كل نعيم وفرح،


(١) فيسر الشريعة لا يعني- كما يفهم بعض الناس- ترك الالتزام بالدين، وارتكاب ما حرَّم الله.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) ينظر: تفسير ابن كثير، (٦/ ٣٦٥)، تفسير السعدي (ص: ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>