للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن القيم : «مِن أعزِّ أنواع المعرفة: معرفة الرب سُبْحَانَهُ بالجمال، وهي معرفة خواص الخلق، وكلهم عرفه بصفة من صفاته، وأتمُّهم معرفة: من عرفه بكماله وجلاله وجماله سُبْحَانَهُ، ليس كمثله شيء في سائر صفاته، ولو فرضتَ الخلقَ كلَّهم على أجملهم صورة وكلهم على تلك الصورة، ونسبتَ جمالهم الظاهر والباطن إلى جمال الرب سُبْحَانَهُ؛ لكان أقل من نسبة سراج ضعيف إلى قرص الشمس، ويكفي في جماله: (لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ) (١)، ويكفي أن كل جمال ظاهر وباطن في الدنيا والآخرة فمن آثار صنعته، فما الظنُّ بمن صَدَرَ عنه هذا الجمال.

ويكفي في جماله سُبْحَانَهُ: أن له العزة والقوة، والجود والإحسان، والعلم والفضل، ونور وجهه أشرقت له الظلمات، كما قال النبي في دعائه: «أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» (٢)، وقال عبد الله بن مسعود : (إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عِنْدَهُ لَيْلٌ وَلَا نَهَارٌ، نَورُ السَّمَوَاتِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ) (٣)، فهو سُبْحَانَهُ نور السموات والأرض، ويوم القيامة إذا جاء لفصل القضاء تشرق الأرض بنوره» (٤)، فلا يستطيع بشر


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١٧٩).
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير، رقم الحديث: (١٤٧٦٤)، حكم الألباني: ضعيف، السلسلة الضعيفة، رقم الحديث: (٢٩٣٣).
(٣) أخرجه أبو داود في الزهد، رقم الحديث: (١٥٨)، والطبراني في المعجم الكبير، رقم الحديث: (٨٨٨٦)، قال الهيثمي: فيه أبو عبد السلام، قال أبو حاتم: مجهول، ينظر: في مجمع الزوائد (٢/ ٢٨).
(٤) الفوائد (ص: ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>