للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه جميل في أفعاله سُبْحَانَهُ: فإنها دائرة بين أفعال البِر والإحسان- التي يُحمَد عليها، ويُثنى عليه ويُشكر- وبين أفعال العدل التي يُحمَد عليها لموافقتها للحكمة والحمد، فليس في أفعاله عبث ولا سَفه، ولا سُدًى ولا ظلم، كلها خير وهدى، ورحمة ورشد، وعدل، يقول تَعَالَى: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: ٥٦]، فلكماله الذي لا يحصي أحد عليه به ثناءً، كَمُلَتْ أفعاله كلها، فصارت أحكامه من أحسن الأحكام، وصنعه وخلقه أحسن خلق وصنع، وأتقن ما صنعه، ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ [النمل: ٨٨]، وأحسن ما خلَق ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾ [السجدة: ٧]، ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: ٥٠]، وقال : «حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» (١)، فسبحان الله، وتقدَّس عما يقوله الظالمون النافون لكماله علوًّا كبيرًا، وحَسْبُهم مقتًا وخسارًا أنهم حُرموا من الوصول إلى معرفته والابتهاج بمحبته (٢).

وحري بمن عرف اسم الله الجميل، وآمن به أن يوحده سُبْحَانَهُ بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، ويستغني به عن خلقه، ويسأله وحده جمال عفوه وعافيته في الدنيا والآخرة.


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١٧٩).
(٢) تفسير أسماء الله الحسنى، للسعدي (ص: ١٧٨ - ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>