للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخبر أن الله يحب التَّجمل في اللباس الذي لا يحصل إلا بالغنى، وأن ذلك ليس مِن الكبر.

وفي الحديث: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ -قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ -، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ» (١).

فعُلم أن من الفقراء من يكون مختالًا فلا يدخل الجنة، وأن من الأغنياء من يكون متجملًا غير متكبر؛ يحب الله جماله، مع قوله : «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ» (٢).

وعن جمال الصورة واللباس، يقول ابن القيم : «وجمال الصورة واللباس والهيأة ثلاثة أنواع: منه: ما يُحمد، ومنه: ما يُذم، ومنه: ما لا يتعلق به مدح ولا ذم.

فالمحمود منه: ما كان لله، وأعان على طاعة الله، وتنفيذ أوامره، والاستجابة له، كما كان النبي يتجمل للوفود، وهو نظير لباس آلة الحرب للقتال، ولباس الحرير في الحرب والخيلاء فيه؛ فإن ذلك محمود إذا تضمن إعلاء كلمة الله ونصر دينه وغيظ عدوه.

والمذموم منه: ما كان للدنيا، والرياسة، والفخر، والخيلاء، والتوسل إلى الشهوات، وأن يكون هو غاية العبد، وأقصى مطلبه؛ فإن كثيرًا من النفوس ليس لها همة في سوى ذلك.


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١٠٧).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>