للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ [آل عمران: ١٥ - ١٧].

وقال : «إنَّ الله جميلٌ يُحِبُّ الجمالَ» (١)، جوابًا لمن قال له: «إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا، ونعلُه حسنةً»، فبين أن مجرد فعل ذلك ومحبته لا يُدخل صاحبَه في الكبر المذموم.

يقول ابن القيم : «إن هذا الحديث الشريف مشتمل على أصلين عظيمين: فأوله معرفة، وآخره سلوك، فيُعرف الله سُبْحَانَهُ بالجمال الذي لا يماثله فيه شيء، ويُعبد بالجمال الذي يحبه من الأقوال والأعمال والأخلاق، فيحب من عبده أن يجمِّل لسانه بالصدق، وقلبه بالإخلاص والمحبة، والإنابة والتوكل، وجوارحه بالطاعة، وبدنه بإظهار نعمه عليه في لباسه، وتطهيره له من الأنجاس والأحداث والأوساخ والشعور المكروهة والختان وتقليم الأظفار، فيعرفه بصفات بالجمال ويتعرف إليه بالأفعال والأقوال والأخلاق الجميلة، فيعرفه بالجمال الذي هو وصفه، ويعبده بالجمال الذي هو شرعه ودينه، فجمع الحديث قاعدتين: المعرفة، والسلوك» (٢).

والجنة دار المتواضعين الخاشعين، لا دار المتكبرين الجبارين، سواء كانوا أغنياء أو فقراء؛ فإنه قد ثبت في الصحيحِ قوله : «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ» (٣).


(١) سبق تخريجه.
(٢) الفوائد (ص: ١٨٦).
(٣) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>