للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما استقام عليه أمرهم، مما لا يشهرهم باتِّضاع ولا بارتفاع.

وقد كان لتميم الداري حلة اشتراها بثمانية دراهم يلبسها للجُمَع والأعياد، وكان كثيرًا ما يتطيَّب لقيام الليل ويَدَّهِنُ.

وعن نافع، أن ابن عمر كساه ثوبين وهو غلام، قال: فدخل المسجد فوجده يصلي متوشحًا به في ثوب، فقال: «أَلَيْسَ لَكَ ثَوْبَانِ تَلْبَسُهُمَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي أَرْسَلْتُكَ إِلَى وَرَاءِ الدَّارِ لَكُنْتَ لَابِسَهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ أَمِ النَّاسُ؟ قَالَ نَافِعٌ: فَقُلْتُ: بَلِ اللهُ» (١).

وقال عمر بن الخطاب : «إِذَا وَسَّعَ اللهُ فَأَوْسِعُوا» (٢).

فهؤلاء ونظراؤهم- في أعصارهم والأعصار التي بعدهم- هم الذين علموا أن الجمال والتجمل هو الاستقامة فيما بينهم وبين ربهم عز جلاله، فعملوا لذلك وتركوا المذموم من زينة الدنيا وزخرفها، وتفاخرها وتكاثرها، سمعوا الله ﷿ يقول: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾ [آل عمران: ١٤] ثم قال سُبْحَانَهُ: ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ [آل عمران: ١٤]، ثم دل على حقيقة الزينة والحسن بقوله: ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (١٥) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٦) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ


(١) أخرجه عبد الرزاق، رقم الحديث: (١٣٩٠).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>