للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا فالالتفات إليها ترفهًا وراحة لا يُنافي الصدق، فإن هذا هو المقصود منها، وفيه شهود نعمة الله على العبد، وتعبد باسمه: (البرِّ)؛ (اللطيف)؛ (المُحسن)؛ (الرَّفيق)، فإنه (رفيق) يحب الرفق» (١).

رفقه سُبْحَانَهُ بعباده العصاة:

فهو الرفيق الذي يمهل من عصاه ليتوب إليه، ولو شاء لعجل بعقوبته، لكنه رفق به وتأنى، وحلم عليه، يقول تَعَالَى: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا﴾ [الكهف: ٥٨]، ويقول سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [النحل: ٦١].

يقول الطبري : «ولو يؤاخذ الله عصاة بني آدم بمعاصيهم ﴿مَا تَرَكَ عَلَيْهَا﴾ [النحل: ٦١]- يعني: الأرض- ﴿مِنْ دَابَّةٍ﴾ تَدُبُّ عليها ﴿وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ﴾ [النحل: ٦١] يقول: ولكن بحلمه يؤخر هؤلاء الظلمة، فلا يعاجلهم بالعقوبة، ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [النحل: ٦١] يقول: إلى وقتهم الذي وقَّت لهم، ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ﴾ [النحل: ٦١] يقول: فإذا جاء الوقت الذي وقَّت لهلاكهم لا يستأخرون عن الهلاك ساعة فَيُمهَلُون، ولا يستقدمون قبله حتى يستوفوا آجالهم» (٢).

وحري بمن عرف اسم الله الرفيق وآمن به أن يوحده سُبْحَانَهُ بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، ويستغني به عن خلقه، فيسأله وحده عفوه ورفقه.


(١) مدارج السالكين (٢/ ٢٨٢).
(٢) جامع البيان (١٤/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>