للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السفر على هذا، وزِيدت في الحضر إلى أربع (الظهر والعصر والعشاء)، ويدل على ذلك حديث عائشة تقول: «فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا» (١)، وفي حديث آخر: «فُرِضَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا أَقَامَ رَسُولُ اللهِ بِالْمَدِينَةِ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ، وَتُرِكَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ لِطُولِ الْقِرَاءَةِ، وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ» (٢)

والصيام فُرِضَ أولًا على التخيير، فمن شاء صام ومن شاء أفطر وفدى، ثم أنزل الله فرض صيامه في قوله تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٨٣].

وأخرج البخاري عن أم المؤمنين عائشة قولها: «إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ الْمُفَصَّلِ، فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الْإِسْلَامِ نَزَلَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ: لَا تَشْرَبُوا الْخَمْرَ، لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا، وَلَوْ نَزَلَ: لَا تَزْنُوا، لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا» (٣).

ومن آثار رفقه سُبْحَانَهُ بعباده: ما شرع لهم من الرخص الشرعية التي ترفع عنهم الحرج، والعبد إذا ترفه بالرخص الشرعية، فإنما يتعبد لله تَعَالَى باسمه «الرفيق» كما وضح ذلك الإمام ابن القيم بقوله: «فرق بين أن يكون التفاته إليها- أي: الرخص- ترفهًا وراحة، وأن يكون متابعة وموافقة،


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٣٩٣٥).
(٢) أخرجه ابن خزيمة، رقم الحديث: (٩٤٤)، وابن حبان، رقم الحديث: (٢٧٣٨)، حكم الألباني: صحيح، السلسلة الصحيحة، رقم الحديث: (٢٨١٤).
(٣) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٤٩٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>