للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي : «فالحكم من له الحكم: وهو تنفيذ القضايا وإمضاء الأوامر والنواهي، وذلك بالحقيقة هو الله تَعَالَى، فهذا الاسم يرجع تارة إلى معنى الإرادة، وتارة إلى معنى الكلام، وتارة إلى الفعل، فأما رجوعه إلى الإرادة، فإن الله تَعَالَى حكم في الأزل بما اقتضته إرادته، ونفذ القضاء في اللوح المحفوظ، يجري القلم فيه على وفاق حكم الله، ثم جرت الأقدار في الوجود بالخير والشر، والعرف والنكر على وفاق القضاء والحكم، وإذا كان راجعًا إلى معنى الكلام فيكون معناه: المبين لعباده في كتابه ما يطالبهم به من أحكامه، كما يقال- لمن يبين للناس الأحكام وينهج لهم معاني الحلال والحرام-: حكم، وعلى هذا فلا يكون في الوجود حكم إلا كتابه، فعنده يوقف؛ إذ هو الحكم العدل، وإذا كان راجعًا إلى الفعل فيكون معناه الحكم الذي ينفذ أحكامه في عباده بإشقائه إياهم وإسعاده وتقريبه إياهم، وإبعاده على وفق مراده» (١).

قال السعدي : «(الحكيم): … الذي له الحكم في الأولى والآخرة، وله الأحكام الثلاثة لا يشاركه فيها مشارك، فيحكم بين عباده في شرعه، وفي قدره، وجزائه» (٢).

قال ابن القيم في نونيته:

«وَهوَ الحَكِيمُ وَذَاكَ مِنْ أَوْصَافِهِ … نَوْعَانِ أَيْضًا مَا هُمَا عَدَمَانِ

حُكْمٌ وَإِحْكَامٌ فَكُلٌّ مِنْهُمَا … نَوْعَانِ أَيْضًا ثَابِتَا البُرْهَانِ


(١) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (١/ ٤٣٨).
(٢) تفسير السعدي (ص ٩٤٥ - ٩٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>