يقول ابن كثير ﵀ في تفسير الآية:«أي: زاجرًا عن الفواحش، ﴿وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾ [يونس: ٥٧] أي: من الشبه والشكوك، وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس، ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةٌ﴾ [يونس: ٥٧] أي: محصل لها الهداية والرحمة من الله تَعَالَى، وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه»(١).
ويفصل الإمام ابن القيم ﵀ القول في أمراض القلوب وشفائها، فيقول: «ومرض القلب نوعان: نوع لا يتألم به صاحبه في الحال؛ … كمرض الجهل، ومرض الشبهات والشكوك، ومرض الشهوات.
وهذا النوع هو أعظم النوعين ألمًا، ولكن لفساد القلب لا يُحس بالألم، ولأن سَكْرة الجهل والهوى تحول بينه وبين إدراك الألم، وإلا فألمه حاضر فيه حاصل له، وهو متوارٍ عنه باشتغاله بضده، وهذا أخطر المرضين وأصعبهما، وعلاجه إلى الرسل وأتباعهم، فهم أطباء هذا المرض.
والنوع الثاني: مرض مؤلم له في الحال، كالهم والغم والحزن والغيظ، وهذا المرض قد يزول بأدوية طبيعية، كإزالة أسبابه، أو بالمداواة بما يضاد تلك الأسباب، وما يدفع موجبها مع قيامها، وهذا كما أن القلب قد يتألم بما يتألم به البدن ويشقى بما يشقى به البدن، فكذلك البدن يألم كثيرًا بما يتألم به القلب، ويشقيه ما يشقيه.
فأمراض القلب التي تزول بالأدوية الطبيعية من جنس أمراض البدن، وهذه قد لا توجب وحدها شقاءه وعذابه بعد الموت، وأما أمراضه التي لا تزول إلا بالأدوية الإيمانية النبوية فهي التي توجب له الشقاء والعذاب الدائم،