ومن أعظم ما تحصل به طيبة الأعمال للمؤمن طيب المطعم، وذلك بأن يكون حلالًا، فيزكو بذلك عمله، يقول تَعَالَى: ﴿وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: ٨٨].
ولذا أمر الله عباده المؤمنين بأن يأكلوا حلالًا طيبًا ثم يعملوا صالحًا، ولا يقبل الله منهم إلا ما كان طيبًا من الطعام والأعمال، ومما يدل على ذلك قول النبي ﷺ:«أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الله طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ الله أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: ٥١] وَقَالَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٢]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟»(١).
ومما ذكره ابن القيم ﵀: «فإن الطيب لا يناسبه إلا الطيب، ولا يرضى إلا به، ولا يسكُن إلا إليه، ولا يطمئن قلبُه إلا به، فله من الكلام الكَلِمُ الطيب الذي لا يصعد إلى اللهتَعَالَى إلا هو، وهو أشدُّ شيء نُفرة عن الفحش في المقال، والتفحش في اللسان والبذاء، والكذب والغيبة، والنميمة والبُهت، وقول الزور وكل كلام خبيث، وكذلك لا يألف من الأعمال إلا أطيبها، وهي الأعمال التي اجتمعت على حسنها الفِطَرُ السليمة مع الشرائع النبوية، وزكتها