للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يديه، فلم يتعلقوا بشيء من ذلك بغيره» (١).

ولا يزال العبد الموفق يتقرب من ربه حتى يحتفي الله به، يقول تَعَالَى على لسان إبراهيم : ﴿سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا﴾ [مريم: ٤٧] أي: رحيمًا رءوفًا بحالي، معتنيًا بي، كثير الحفاوة بي والإكرام لي؛ لعلم إبراهيم مقام ربه في قلبه، وحبه له، فإذا أراد العبد أن يعرف أين هو من الله فلينظر أين الله منه؟ فإذا أراد الله أن يقدم عبدًا رفعه درجات بطاعته ﴿وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾ [البقرة: ٢٥٣].

فإذا تيقن المؤمن ذلك وعلم أن الله هو المقدم والمؤخر لم يطلب لنفسه جاهًا أو مالًا أو منصبًا ليتقدم به، وإنما يتقدم بقربه من ربه، وبحرص أن يقدم من قدمه الله.

ومن أراد أن يقدمه الله ويرفعه، فعليه أن يأخذ بأسباب التقديم، وهي:

الحرص على الأعمال الصالحة، يقول تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى﴾ وقوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠]، فلا يزال العبد يرتفع عمله حتى يرفع الله ذكره، فيعرف عند الملائكة، ويطرح قبوله وذكره في الأرض، وفي الحديث الصحيح حين أثنى الناس على جنازة، قال رسول الله : «نَعَمْ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِلهِ مَلَائِكَةً تَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَةِ بَنِي آدَمَ بِمَا فِي الْمَرْءِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ» (٢) وإن من عباد


(١) موسوعة فقه القلوب، لمحمد إبراهيم التويجري (١٤/ ٦٦).
(٢) أخرجه الحاكم، رقم الحديث: (١٤٠١)، والبيهقي في الشعب، رقم الحديث: (٨٨٧٦)، حكم الألباني: صحيح، السلسلة الصحيحة، رقم الحديث: (١٦٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>