للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطع نظره عن معاملة الله تَعَالَى وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه» (١).

والمَنُّ ولو كان بعد العمل بمدة ضار به، قال ابن القيم : «نَبَّهَ بقوله: ﴿ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى﴾ [البقرة: ٢٦٢] على أن المن والأذى، ولو تراخى عن الصدقة، وطال زمنه، ضرَّ بصاحبه، ولم يحصل له مقصودُ الإنفاق، ولو أتى بالواو، وقال: ولا يتبعون ما أنفقوا مَنًّا ولا أذًى، لأوهَمَتْ تقييدَ ذلك بالحال، وإذا كان المَنُّ والأذى المتراخي مبطلًا لأثر الإنفاق، مانعًا من الثواب؛ فالمقارن أولى وأحرى» (٢).

٢ - جعل رد السائل بالمعروف والعفو عنه خير من التصدق عليه مع المن والأذية له، قال سُبْحَانَهُ: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٦٢ - ٢٦٣] وذلك؛ لأن رد السائل بالقول المعروف الكريم يدخل السرور على نفسه، والعفو عما قد يصدر من السائل مما لا ينبغي وعدم مؤاخذته بذلك، كله من الإحسان الذي لا مفسدة فيه، فهما أفضل من الإحسان بالصدقة التي يتبعها أذى بمنٍّ أو غيره (٣).

وكل ما سبق دال على أن اتصاف المخلوق بالمنَّة كبيرة من كبائر الذنوب، فعلى المسلم أن يحذر من هذا الوصف الذميم، سلمنا الله منه ورزقنا كريم الخلق.


(١) تفسير ابن كثير (١/ ٦٩٤).
(٢) طريق الهجرتين، ابن القيم (ص: ٣٦٦).
(٣) ينظر: تفسير السعدي (ص: ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>