قال تَعَالَى: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾ [يونس: ١]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾ [يس: ١، ٢]، وقال: ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [فصلت: ١] فأتقن وأحسن ونظم نظما محكما لا يلحقه تناقض ولا خلل ولا نقص ولا باطل: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٢].
وإحكام الكتاب له أوجه عدة، منها:
أن آياته جاءت بأجل الألفاظ وأفصحها، وأبينها وأدقها دلالة.
أن كل كلمة وكل عبارة مقصودة، وكل معنى فيها وكل توجيه مطلوب، وكل إيماءة وكل إشارة ذات هدف معلوم؛ فلا حشو فيه ولا زيادة.
أن آياته محفوظة من التغيير والتبديل، والزيادة والنقص، والتحريف.
أن جميع ما فيها من الأخبار السابقة واللاحقة، والأمور الغيبية كلها، مطابقة للواقع، مطابق لها الواقع، لم يخالفها كتاب من الكتب الإلهية، ولم يخبر بخلافها نبي من الأنبياء، ولم يأت ولن يأتي علم محسوس ولا معقول صحيح يناقض ما دلت عليه.
أنه حكيم في هدايته وأمره ونهيه؛ فآياته جاءت موافقة للحكمة، فما أمر بشيء إلا وهو خالص المصلحة، أو راجحها، وما نهى عن شيء إلا وهو خالص المفسدة أو راجحها، وكثيرًا ما يجمع بين ذكر الحكم وحكمته، فينبه العقول على المناسبات والأوصاف المقتضية لترتيب الحكم عليها.
أن آياته جمعت بين الترغيب والترهيب، والوعظ البليغ، الذي تعتدل به النفوس الخيرة، وتحتكم، فتعمل بالحزم.