للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن آياته المتكررة، كالقصص، والأحكام ونحوها، قد اتفقت كلها وتواطأت، فليس فيها تناقض، ولا اختلاف.

أن آياته لا ناسخ لها من غيرها، قال ابن عباس : «لم ينسخها كتاب، بخلاف التوراة والإنجيل» (١).

فعلى العبد أن يتدبر هذه الأوجه ويتأملها في كتاب ربه، ويعمل عقله فيه متفكرًا؛ حتى تنفتح له من أسراره وعجائبه ما يبهر عقله ويذهل لبه، فيجزم جزمًا لا مرية فيه أنه تنزيل من حكيم حميد (٢).

ثم إذا تقرر إحكام الكتاب، فما معنى قوله : ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ [آل عمران: ٧]؟

قال ابن كثير : «يخبر تَعَالَى أن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب، أي: بينات واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحد من الناس، ومنه آيات أخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم، فمن رد ما اشتبه عليه إلى الواضح منه، وحكم محكمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس انعكس؛ ولهذا قال تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [آل عمران: ٧] أي: أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ [آل عمران: ٧] أي: تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تحتمل شيئًا آخر من حيث اللفظ والتركيب، لا من حيث المراد.

وقد اختلفوا في المحكم والمتشابه: فروي عن السلف عبارات كثيرة … وأحسن ما قيل فيه: الذي قدمناه، وهو الذي نص عليه محمد بن إسحاق


(١) تفسير القرطبي (٩/ ٢).
(٢) ينظر: تفسير القرطبي (٩/ ٢)، وتفسير ابن كثير (٤/ ٣٠٣)، وتفسير السعدي (ص ٦٤٦، ٦٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>