للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [فاطر: ٤١]، وبقيوميته لم تسقط السماء على الأرض ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [الحج: ٦٥] (١).

قال ابن القيم : «ثم تأمل الممسك للسموات والارض الحافظ لهما أن تزولا أو تقعا أو يتعطل بعض ما فيهما، أَفَتَرَى مَنِ الممسك لذلك؟! ومَنِ الحافظ له؟ ومَنِ القيم بأمره؟! ومَنِ المقيم له؟! فلو تعطلت بعض آلات هذا الدولاب العظيم والحديقة العظيمة من كان يصلحه ويعيده؟! وماذا كان عند الخلق كلهم من الحيلة في رده كما كان؟! فلو أمسك عنهم قيم السموات والارض الشمس فجعل عليهم الليل سرمدًا، من الذي كان يطلعها عليهم ويأتيهم بالنهار؟! ولو حبسها في الأفق ولم يسيرها فمن ذا الذي كان يسيرها عنهم ويأتيهم بالليل؟! فلو أزال السماء والارض، فمن ذا الذي كان يمسكها من بعده؟!» (٢).

قيام الإنس والجن وسائر الدواب به:

قال : «اللهمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ» (٣) قائم على ما فيهما من النفوس بالرزق، وتدبير الشؤون وتصريفها، كما قال تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: ٢٩]» يغني فقيرًا، ويجبر كسيرًا، ويعطي قومًا، ويمنع آخرين، ويميت ويحيي، ويرفع ويخفض، لا يشغله شأن عن شأن، ولا تغلطه المسائل، ولا يبرمه إلحاح


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص ٦٤٠).
(٢) مفتاح دار السعادة (١/ ٢١٥).
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>