للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصور خلقه كيف شاء، وكيف يشاء» (١).

قال الخطابي : «(المصور) هو الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة ليتعارفوا بها، فقال: ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ [غافر: ٦٤]» … وقال: التصور التخطيط والتشكيل»، ثم قال: وخلق الله -جل وعلا- الإنسان في أرحام الأمهات ثلاث خلق: جعله علقة، ثم مضغة، ثم جعلها صورة، وهو التشكيل الذي به يكون ذا صورة وهيئة يعرف بها، ويتميز بها عن غيره بسماتها ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون ١٤]» (٢).

يقول السعدي في قوله تَعَالَى: ﴿الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ﴾ -: «الذي خلق جميع الموجودات وبرأها وسواها بحكمته، وصورها بحمده وحكمته، وهو لم يزل، ولا يزال على هذا الوصف العظيم» (٣).

ومما سبق يتضح لنا اتساق هذه الأسماء الحسنى وأن بينها علاقة وطيدة، إلا أن لكل صفة من هذه الصفات الثلاث ما يخصها من حيث المعنى:

قال الغزالي : «قد يظن أن هذه الأسماء مترادفة، وأن الكل يرجع إلى الخلق والاختراع، ولا ينبغي أن يكون كذلك؛ بل كل ما يخرج من العدم إلى الوجود فيفتقر إلى تقدير أولًا، وإلى الإيجاد على وفق التقدير ثانيًا، وإلى التصوير بعد الإيجاد ثالثًا، والله خالق من حيث إنه مقدر، وبارئ من حيث إنه مخترع، موجد، ومصور من حيث إنه مرتب صور المخترعات أحسن ترتيب» (٤).


(١) المرجع السابق (٢٢/ ٥٥٥).
(٢) شأن الدعاء (ص ٥١ - ٥٢).
(٣) تفسير السعدي (ص ٩٤٧).
(٤) المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (ص ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>