وجعل داخل بابي السمع مرًّا قاتلًا؛ لئلا تلج فيها دابة تخلص إلى الدماغ فتؤذيه، وجعل داخل بابي البصر مالحًا؛ لئلا تذيب الحرارة الدائمة ما هناك من الشحم، وجعل داخل باب الطعام والشراب حلوًا؛ ليسيغ به ما يأكله ويشربه فلا يتنغص به لو كان مرًا أو مالحًا.
وجعل له مصباحين من نور، كالسراج المضيء مركبين في أعلى مكان منه، وفي أشرف عضو من أعضائه، طليعة له وركب هذا النور في جزء صغير جدًّا يبصر به السماء والأرض وما بينهما، وغشاه بسبع طبقات وثلاث رطوبات بعضها فوق بعض، حماية له وصيانة، وحراسة، وجعل على محله غلقًا بمصراعين أعلا وأسفل، وركب في ذيل المصراعين أهدابًا من الشعر وقاية للعين وزينة وجمالًا، وجعل فوق ذلك كله حاجبين من الشعر يحجبان العين من العرق النازل ويتلقيان عنها ما ينصب من هناك، وجعل سُبْحَانَهُ لكل طبقة من طبقات العين شغلًا مخصوصًا، ولكل واحد من الرطوبات مقدارًا مخصوصًا، لو زاد على ذلك أو نقص منه لاختلت المنافع والمصالح المطلوبة.