للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابقة، عندما ذكر الله تَعَالَى التفاضل الحقيقي بالتقوى عقَّب النهي عن الغيبة، واحتقار الناس لبعضهم؛ وذلك تنبيهًا منه سُبْحَانَهُ لتساويهم في البشرية، وأن التفاضل إنما يكون بالأمور الدينية (١).

وهذا هو المنهج النبوي والتربية النبوية، يقول : «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ، وَأَعْمَالِكُمْ» (٢)، ومن شواهد ذلك ما يلي:

حديث أنس بن مالك: «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يُقَالُ لَهُ زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ، كَانَ يُهْدِي إِلَى النَّبِيِّ الْهَدِيَّةَ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِنَّ زَاهِرًا بَادِينَا، وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ، قَالَ: فَأَتَاهُ النَّبِيُّ وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَالرَّجُلُ لَا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ؟ فَقَالَ زَاهِرٌ: تَجِدُنِي يَا رَسُولَ اللهِ كَاسِدًا، قَالَ: لَكِنَّكَ عِنْدَ اللهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ، أَوْ قَالَ : «بَلْ أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ» (٣).

حديث عمرو بن الشريد، يحدث عن أبيه، «أَنَّ النَّبِيَّ تَبِعَ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفَ حَتَّى هَرْوَلَ فِي إِثْرِهِ حَتَّى أَخَذَ بِثَوْبِهِ، فَقَالَ: ارْفَعْ إِزَارَكَ،


(١) ينظر: تفسير ابن كثير (٧/ ٣٨٥).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٥٦٤).
(٣) أخرجه ابن حبان، رقم الحديث: (٥٧٩٠)، والضياء في المختارة، رقم الحديث: (١٨٠٦)، حكم الألباني: صحيح، مختصر الشمائل، رقم الحديث: (٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>