للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخطابي : «ذو الجلال والإكرام: الجلال: مصدر الجليل. يقال: جليل بين الجلالة والجلال، والإكرام: مصدر أكرم، يكرم، إكرامًا، والمعنى: أن الله- جل وعز- مستحق أن يجل ويكرم فلا يجحد، ولا يكفر به، وقد يحتمل أن يكون المعنى: أنه يكرم أهل ولايته، ويرفع درجاتهم بالتوفيق لطاعته في الدنيا، ويجلهم بأن يتقبل أعمالهم ويرفع في الجنان درجاتهم، وقد يحتمل أن يكون أحد الأمرين- وهو الجلال- مضافًا إلى الله سُبْحَانَهُ، بمعنى: الصفة له، والآخر مضافًا إلى العبد بمعنى: الفعل منه، كقوله سُبْحَانَهُ: ﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [المدثر: ٥٦] فانصرف أحد الأمرين- وهو المغفرة- إلى الله سُبْحَانَهُ، والآخر إلى العباد، وهو التقوى» (١).

قال القرطبي : «(الجلال) عظمة الله وكبرياؤه واستحقاقه صفات المدح، يقال: جل الشيء، أي: عظم، وأجللته، أي: عظمته … (والإكرام) أي: هو أهل لأن يكرم عما لا يليق به من الشرك، كما تقول: أنا أكرمك عن هذا، ومنه: إكرام الأنبياء والأولياء» (٢).

قال ابن كثير في قوله تَعَالَى: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٧]: «وقد نعت تَعَالَى وجهه الكريم في هذه الآية الكريمة بأنه ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٧]، أي: هو أهل أن يجل فلا يعصى، وأن يطاع فلا يخالف، كقوله: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف: ٢٨]، وكقوله إخبارًا


(١) شأن الدعاء (ص: ٩١ - ٩٢).
(٢) تفسير القرطبي (١٧/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>