للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (٥٣) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى﴾ [طه: ٥٣، ٥٤].

القيام على شؤنهم وتدبير أمورهم، كما قال تَعَالَى: ﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (٤٩) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ [طه: ٤٩، ٥٠] هدى كل مخلوق لما خلق له من المنافع، وهداه لدفع المضار عنه، حتى أن الله أعطى الحيوان البهيم من العقل ما يتمكن به من ذلك (١).

قال ابن القيم : «قائم على كل نفس بخيرها وشرها، قد استوى على عرشه، وتفرد بتدبير ملكه، فالتدبير كله بيديه، ومصير الأمور كلها إليه، فمراسيم التدبيرات نازلة من عنده على أيدي ملائكته بالعطاء والمنع، والخفض والرفع، والإحياء والإماتة، والتوبة والعزل، والقبض والبسط، وكشف الكروب وإغاثة الملهوفين وإجابة المضطرين: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: ٢٩] لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا معقب لحكمه، ولاراد لأمره، ولا مبدل لكلماته، تعرج الملائكة والروح إليه، وتعرض الأعمال- أول النهار وآخره- عليه، فيقدر المقادير ويوقت المواقيت، ثم يسوق المقادير إلى مواقيتها، قائمًا بتدبير ذلك كله وحفظه ومصالحه» (٢).

تعريف عباده بنفسه وبغايتهم التي خلقوا من أجلها، وتعريفهم ما ينفعهم وما يضرهم؛ فلم يترك عباده سدى هملًا لا يعرفهم بنفسه ولا ما


(١) ينظر: المرجع السابق.
(٢) الصلاة وأحكام تاركها (ص: ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>