للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينفعهم ولا يضرهم في المعاش والمعاد، كما لم يخلقهم عبثًا يأكلون ويشربون ويمرحون دون أمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب، كما قال تَعَالَى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾ [المؤمنون: ١١٥، ١١٦] تعاظم عن هذا الظن الباطل الذي يقدح في حكمته (١).

النوع الثاني: الربوبية الخاصة:

التي اختص الله بها أولياءه وأهل طاعته، حيث رباهم فوفقهم للإيمان به، والقيام بعبوديته، وغذاهم بمعرفته، ونمى ذلك بالإقامة عليه، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، ويسرهم لليسرى وجنبهم العسرى، ودفع عنهم الصوارف، والعوائق الحائلة بينهم وبينه.

فحقيقتها: التوفيق لكل خير، والعصمة عن كل شر (٢).

ومن صور هذه التربية: أن يلقي في نفوس أوليائه إذا أقبلوا عليه بالطاعات الراحة والسكينة والانشراح، فيحببها لهم، وإذا عصوه أو هموا بمعصيته الضيق والكآبة والحزن فيبغضها لهم، قال تَعَالَى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ [الحجرات: ٧].

فمن وجد في نفسه هداية وإيمانًا فهو محض فضل رب العالمين، فهوسُبْحَانَهُ الذي دفعه وساقه إلى طاعته، وألقى في قلبه محبته ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٥٦٠).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٣٩)، وفتح الرحيم الملك العلام، للسعدي (ص: ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>