للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد ابن الحنفية يوم مات ابن عباس : «مات رباني هذه الأمة» (١).

ما يتعلق بالعمل: وهذه الركيزة معلومة بنصوص كثيرة، ذمت المقصرين

في هذا الباب، كقوله تَعَالَى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ

الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ٤٤] وقوله تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ

مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢، ٣].

فلو كان الربانيون لا يعملون بعلمهم، لاستحقوا الذم لا المدح، والله أشاد بهم في مواضع، فدل على أنهم حققوا العمل بالعلم.

ما يتعلق بالتعليم والتربية: قال تَعَالَى: ﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ [آل عمران: ٧٩] الباء «باء السببية، أي: بسبب تعليمكم لغيركم المتضمن لعلمكم ودرسكم لكتاب الله وسنة نبيه، التي بدرسها يرسخ العلم ويبقى، تكونون ربانيين» (٢).

ووصفهم الله بأنهم استحفظوا الكتاب، كما في قوله تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: ٤٤]، والحفظ لا يكون بمجرد الجمع في الفؤاد والعمل به، بل بنقله للأجيال وتربيتهم عليه أيضًا، فالحفظ لا يتم ويكمل بغير التبليغ والنقل للناس.


(١) الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر (١/ ٥٦).
(٢) تفسير السعدي (ص: ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>