للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحج: ٦٥].

وخلق الأرض وبرحمته أرساها بالجبال؛ كي لا تميد ولا تحيد، بل جعلها مهدًا وفراشًا يستقر عليها، ويتمكن من حرثها وغرسها وحفرها، وبرحمته شق طرقها ومنافذه ليتصل الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، قال تَعَالَى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا﴾ [طه: ٥٣]، وقال سُبْحَانَهُ في سورة الرحمن: ﴿وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ﴾ [الرحمن: ١٠] (١).

قال ابن القيم : «ومن رحمته: أحوج الخلق بعضهم إلى بعض لتتم مصالحهم، ولو أغنى بعضهم عن بعض لتعطلت مصالحهم، وانحل نظامهم، وكان من تمام رحمته بهم: أن جعل فيهم الغني والفقير، والعزيز والذليل، والعاجز والقادر، والمراعي والمرعي، ثم أفقر الجميع إليه، ثم عمَّ الجميع برحمته» (٢).

وقال الشيخ السعدي في تقرير ما سبق من آثار الرحمة العامة: «فالله خلق الخلق برحمته، وأرسل إليهم الرسل برحمته، وأمرهم ونهاهم وشرع لهم الشرائع برحمته، وأسبغ عليهم النعمة الظاهرة، والباطنة برحمته، ودبرهم أنواع التدبير وصرفهم بأنواع التصريف برحمته، وملأ الدنيا والآخرة من رحمته، فلا طابت الأمور، ولا تيسرت الأشياء، ولا حصلت المقاصد، وأنواع المطالب إلا برحمته، ورحمتُه فوق ذلك، وأجلُّ وأعلى» (٣).


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٥٠٧).
(٢) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: ٣٦٩).
(٣) المواهب الربانية من الآيات القرآنية (ص: ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>