للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أي: خبير بصير بمن يستحق الغنى، ومن يستحق الفقر» (١).

فمن العباد من لا يصلح حاله إلا بالغنى، فإن أصابه الفقر فسد حاله، ومنهم العكس ﴿إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾ [الإسراء: ٣٠]».

وقال ابن كثير أيضًا- في قوله تَعَالَى: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ﴾ [الشورى: ٢٧]-: «ولو أعطاهم فوق حاجتهم من الرزق؛ لحملهم ذلك على البغي والطغيان من بعضهم على بعض أشرًا وبطرًا» (٢).

لكن هذا التفضيل في الرزق ليس له ارتباط برضا الله وغضبه ولا محبته وكرهه للعبد، فليس إنعامه على خلقه بكثرة الرزق وسعة العيش دليل على محبته لهم، ولا أن تضيقه على آخرين في أرزاقهم لكرهه لهم، قال تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا﴾ [الفجر: ١٥ - ١٧]، «أي: ليس كل من نعمته في الدنيا فهو كريم عليَّ، ولا كل من قدرت عليه رزقه فهو مهان لديَّ، وإنما الغنى والفقر، والسعة والضيق، ابتلاء من الله، وامتحان يمتحن به العباد؛ ليرى من يقوم له بالشكر والصبر، فيثيبه على ذلك الثواب الجزيل، ممن ليس كذلك فينقله إلى العذاب الوبيل» (٣) (٤).

وقد ظن الكفار والمترفون لجهلهم أن الأموال والأولاد دليل على محبة الله لهم واعتنائه بهم، وأنه ما كان ليعطيهم هذا في الدنيا ثم يعذبهم في


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ٣٨).
(٢) تفسير ابن كثير (٤/ ١٤٠).
(٣) تفسير السعدي (ص: ٩٢٤).
(٤) ينظر: مختصر النهج الأسمى، للنجدي (ص: ١٠٩ - ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>