للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخرة، قال تَعَالَى عنهم: ﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ [سبأ: ٣٥]، فرد عليهم ظنهم هذا بقوله تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾

[سبأ: ٣٦، ٣٧]، وقوله تَعَالَى: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٥، ٥٦].

ولم يعلموا أن الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة؛ ولذلك فإن الله يعطيها من يحب ومن لا يحب، وسع الرزق على الأخيار أمثال: نبيه داود وسليمان ، ووسعه على الأشرار أيضًا، أمثال: فرعون وهامان وقارون، وضيق على الأخيار والأشرار؛ ذلك أنه لا يعبأ بالدنيا، فهي هينة عليه، ولو كانت تساوي عنده جناح بعوضة ما سقى منها كافرًا شربة ماء، كما جاء في حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله : «لو كانتِ الدنيا تَعْدِلُ عندَ الله جناحَ بعوضةٍ مَا سَقَى كَافِرًا منها شربةَ ماءٍ» (١).

فعلى المؤمن إذا وسع الله عليه في الرزق، أن يعمل عمل داود وسليمان ، قال الله عنهما: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النمل: ١٥]، وقال تَعَالَى عن سليمان : ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ [النمل: ١٩]،


(١) أخرجه الترمذي، رقم الحديث: (٢٣٢٠)، وابن ماجه، رقم الحديث: (٤١١٠)، حكم الألباني: صحيح، صحيح وضعيف سنن الترمذي، رقم الحديث: (٢٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>