للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمِ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ» (١).

وقد حذر الله ﷿ وتوعد من أكل الرزق الحرام، قال : «إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ (٢) إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ» (٣)، وقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: ٥١] وَقَالَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٢] ثم ذكر الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟» (٤).

قال ابن رجب : «وفي هذا الحديث إشارة إلى أنه لا يقبل العمل ولا يزكو إلا بأكل الحلال، وإنَّ أكل الحرام يفسد العمل، ويمنع قبوله … وما ذكره بعد ذلك من الدعاء، وأنه كيف يتقبل مع الحرام، فهو مثال لاستبعاد قبول الأعمال مع التغذية بالحرام» (٥)، وقال: «فيؤخذ من هذا: أن التوسع في الحرام والتغذي به من جملة موانع الإجابة» (٦).


(١) سبق تخريجه.
(٢) السحت: الحلق، ويطلق في الشريعة على المال الحرام؛ لأنه يحلق الدين. العرف الشذي، للكشميري (٢/ ٩٣).
(٣) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (١٤٦٦٥)، والترمذي، رقم الحديث: (٦١٤)، حكم الألباني: صحيح، صحيح وضعيف سنن الترمذي، رقم الحديث: (٦١٤).
(٤) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١٠١٥).
(٥) جامع العلوم والحكم، لابن رجب (١/ ٢٦٠).
(٦) المصدر السابق (١/ ٢٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>