للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتنادمون أطيب المنادمة، قال تَعَالَى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٧]، ولا يسمعون من ربهم، إلا ما يقر أعينهم، ويدل على رضاه عنهم ومحبته لهم، قال تَعَالَى: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ [يس: ٥٨] (١)، وهي دار السلام التي سلمت من كل مرض وألم وهرم، قال تَعَالَى: ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ [الحجر: ٤٨].

سلمت من الموت؛ إذ فيها الحياة الدائمة التي لا انقطاع معها ولا نهاية لها، وفي الحديث عن أبي سعيد قال: قال رسول الله : «يُجَاءُ بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ- زاد أبو كُرَيْب: فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، واتفقا في باقي الحديث- فَيُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، قَالَ: وَيُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قَالَ: فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، قَالَ: فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ، قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ» (٢).

سلمت لكمال نعيمها وتمامه وبقائه، وحسنه من كل وجه حتى لا يقدر على وصفه الواصفون، ولا يتمنى فوقه المتمنون من نعيم الروح والقلب والبدن، ولهم فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وهم فيها خالدون (٣).


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٨١٥).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٤٧٣٠)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٨٤٩).
(٣) ينظر: تفسير الطبري (١٥/ ٥٩)، وتفسير ابن كثير (٤/ ٢٦١)، وتفسير السعدي (ص: ٢٧٣، ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>