للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم في نونيته:

هِيَ جَنَّةٌ طَابَتْ وَطَابَ نَعِيمُهَا … فَنَعِيمُهَا بَاقٍ وَلَيْسَ بِفَانِ

دَارُ السَّلَامِ وَجَنَّةُ المَأْوَى وَمَنْـ … ـزِلُ عَسْكَرِ الإِيَمانِ والقُرْآنِ

فَالدَّارُ دَارُ سَلَامَةٍ وَخِطَابُهُمْ … فِيهَا سَلَامٌ واسْمُ ذِي الغُفْرَانِ (١)

فمن علم هذا تاقت نفسه لدار السلام، وسعى للظفر بها، لا سيما وأن الله ﷿ داعيه إليها، قال تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [يونس: ٢٥]، بل وأرسل محمد داعيًا إليها، كما في الحديث: «جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ وَهُوَ نَائِمٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا، فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا، وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً، وَبَعَثَ دَاعِيًا، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ، وَأَكَلَ مِنَ الْمَأْدُبَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الْمَأْدُبَةِ، فَقَالُوا: أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: فَالدَّارُ الْجَنَّةُ، وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ، فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا فَقَدْ أَطَاعَ الله، وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا فَقَدْ عَصَى الله، وَمُحَمَّدٌ فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ» (٢).

فحري بالعبد أن يجيب دعوة ربه وداعيه محمد إلى أعظم دعوة وأكمل مقام وأطيب عيش، وذلك بالإيمان والعمل الصالح وسلوك


(١) النونية (ص ٣٠٩).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٧٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>